الخميس, نوفمبر 21
Shadow

علامة استفهام حول ذكاء الرجل الأسود !؟؟

يمر بنا في الحياة فترات ولحظات يكون فيه عقل الانسان متشوش أو على الأصح متشوق للمعرفة إلى حد ينبثق من داخلك أسئلة كثيرة لا تدري من أين منبتها ومصدرها ولا إلى أين موردها، لكن هذه المرة أنا أعرف من أين كان منبت أسئلتي، فالقصة بدأت عندما كنت في زيارة سريعة لصديق لي مريض، وكعادتي التي لا أتحكم بها، كلما زرت أحدا تنطلق عيني كالسهم باحثا عن رف الكتب، وكأن لكل بيت يجب أن يكون له رف للكتب.

هذه المرة كان زيارتي لبيت أعرف كل زاوية منها وبالأخص رف الكتب التي سبق وتصفحت كتبها مرارا وتكرارا لكن مع ذلك لم يمنعني هذا من أن ألقي نظرة سريعة على تلك المكتبة الصغيرة لأفاجئ بكتاب لفت عنوانها انتباهي بشدة، وقبل ذلك صورة خلافها، ففي الخلاف رأس اللاعب الشهير  ليليان تورام أما عنوانها فهي نجومي السوداء (mes étoile noires  باللغة الفرنسية) .

بعد قلبي لصفحات تلك الكتاب  بشكل سريع جدا اتضحت لي أن ليليان تورام قصد من تأليف هذا الكتاب أن يبين لنفسه قبل أي شخص آخر أن الرجل الأسود كان وما يزال فكره كبير يساهم في الانجازات العظيمة جنبا إلى جنب مع نظيره الأبيض أما عنوان الكتاب فكما أن لكل انسان بحاجة إلى قدوة يبني عليه طموحاته إذا فالأربعين شخص المذكورين في الكتاب هي القدوة التي يتخذها تورام ويتمنى لو أن أي شخص أسود يفعل المثل.

ليس هذا موضوع حديثنا لكن القصة أني خلال هذا التصفح السريع وقعت على فصل بدأها تورام بقصة صغيرة يقول فيه: حصل مؤخرا أن أحد أبنائي حاول حل مسألة هندسية فأعياه فحاول كرة بعد كرة دون جدوى فاستلزم الاستعانة بأحد أصدقائه فلما ألقى الصديق نظرة على المسألة التفت نحوه وقال له: هذا طبيعي أن يصعب عليك حل هذه المسألة، فرد هذا الأخير متعجبا لماذا !!!؟؟ فرد عليه قوله: لأنك أسود.

يقول تورام: حمل ابني هذا الجواب معه إلى البيت ثم شاء القدر أني دعوت صديقي الشيخ موديبو ديارا للعشاء – عالم فيزيائي فلكي من جمهورية مالي شارك في مهمات عديدة مع وكالة الفضاء ناسا رئيس ميكروسوفت أفريقيا منذ عام 2006 – ومن خلال المحادثات بين عائلة تورام و ضيفهم ذكر ابن تورام قصته مع صديقه فتدخل الشيخ ديارا ليقول للولد أن ليس لكلام صديقه أي معنى فجميع البشر بمختلف ألوانهم وأصولهم شاركوا جميعا في بناء الحضارة الانسانية التي نشهده اليوم ومن ثم لمواساة الولد وإقامة الحجة عليه بدأ ديارا يعد علماء سود خيروا مسيرة العالم بإنجازاتهم العظيمة أمثال  Philip EMEAGWALI فيليب اميغولي مخترع أسرع حاسب آلي في العالم وكذلك دانيال هال ويليام Daniel hale williams منفذ أول عملية قلب ناجحة… إلى آخر الانجازات المدهشة والتي لا تستطيع البشرية أن تتخلى عنها.

هذه الانجازات العظيمة التي أوردها ديارا أوقد في قلبي رغبة شديدة لمشاركة جلسائي القصة لكن ما أن بدأت الكلام ووصلت إلى قول الصبي لماذا؟ حتى فاجأني جلسائي بالرد: لأنك أسود !!! وكأنهم جميعا قرأوا الكتاب، وكدت أموت خجلا أن أكون أنا الوحيد الذي لم أقرأه لكن عرفت بعد قليل أن لا أحد قد قرأها، حينها غمرني شيء من السعادة لزوال الخجل الذي أحسست بها ولأني أستطيع اكمال القصة، وبالفعل رويتها لهم إلى النهاية ثم حاولت بعدها أن أضيف على قائمة ديارا بعض الأسماء من معرفتي فأردفت قائلا: بالفعل لو ننظر حولنا سنجد رجال ونساء سود ذوا عقول فذ تستحق التقدير ففي بلدنا (جزر القمر) لدينا مثلا السيدة……ممممم وهنا حيث أردت ذكر السيدة الدكتورة القمرية التي فازت بجائزة لوريال ممثلة لأبرز عالمات الوطن العربي والقارة الأفريقية في مجال البحث العلمي، خانني ذاكرتي بنسيان اسمها، فقاطعني أحدهم بسؤال: من أي بلدة هي؟ كمحاولة لمعرفة ان كان سيتعرف عليها من خلال بلدتها ليذكرني باسمها. فأجبته أني لا أذكر هذا أيضا لكنها من جزيرة هنزوان عندها رد علي بسرعة عجيبة وكأن بداهته اكتشف سرا من أسرار هذا الكون، فقال لي: أصول الهنزوانيين عربية إذا هذا أمر طبيعي !!!!! (أي أصولها بيضاء لذا لا غرابة في كونها ذكية)

هنا بالذات بدأ عقلي يطرح الأسئلة والاستفسارات ومن هنا تماما يبدأ حديثنا ومع أول سؤال يردني:

هل الطفل الأبيض محق؟ أم صاحبي الذي يقول أنه من الطبيعي أن تكون لهذه المرأة عقل فذ لكون أصولها بيضاء وكأنه من الغير الطبيعي أن يكون للبانتو عقول فذ؟ أليس قول الأول اتهام وقول الثاني تقرير وبالتالي صحة أحدهما تعني صحتهما الاثنين.

ما الذي دفع الطفل الأبيض إلى هذا الاعتقاد؟ وماذا عن صاحبي أيضا؟ أليست من الممكن أن تكون المجتمع هو السبب وراء ذلك لكلا الفريقين؟ أم ماذا لو أنها المحيط العائلي بالنسبة للصبي الأبيض بينما بالنسبة لصاحبي هي الشعور التي خلفها العبودية التي فريستها الوحيد هو الرجل الأسود؟؟؟

هذه بعض الأسئلة التي راودني وبعد جدل بيزنطي عقيم سألت من كان معي عن شيء قد يدل على أفضلية الرجل الأبيض على حساب نظيره الأسود الذي مازال يعيش في الكهوف؟ وبهذا السؤال كنت كمن أراد أن يطفئ النار بالبنزين فاشتد الجدل كاللهب فما بين من يستدل بغنى الدول الأوروبية وآخر يستدل بأن البيض أمكر من السود وأنهم ما احتلوا القارة السمراء إلا بعقليتهم التي تفوق عقلية سكان هذه القارة.

هنا حيث المفترض أن أغرق في الجدل التي لا طائلة منه اعتذرت لأنصرف وذهني ممتلئ بالأسئلة التي لا أدري من أين أبدئ البحث عن الجواب فقبل أن أقبل أن غنى أوربا دليل على أفضلية عقلية رجالها يجب أن أعرف ماذا وراء فقر افريقيا؟ وقبل أن أقبل ببرهان المكر يجب أن أسأل نفسي ماذا لو كان الاستعمار نتيجة خيانة الرجل الأبيض للثقة التي منحها له نظيره الأسود عندما وطأ قدمه أرض افريقيا لأول مرة؟

خلاصة القول هي أن الجواب حول ذكاء الرجل الأسود لا يخفى إلا على جاهل يتاجر بالجهل أو عالم يجري تجاربه وعيناه مغمضتان أو درويش في أذنيه وقرا، أما ما يبقى بلا جواب فهو مصدر السؤال من أين تسلل هذه الفكرة إلى عقل هذا الطفل البريء ومن أين جاء اعتقاد صاحبي أنه قليل العقل فقط لمجرد سواد جلده؟

بالمناسبة اسم الدكتورة هي رقية جودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *