في هذه الدولة المستوردة لكل شيءٍ، حتى الأكفان، قد تصاب بالدهشة المصحوبة بإنفلونزا العجائب وأنت تراقب، ففي عدم النطق بجملة “أنا دارس إعلام في الوطن العربي” سلامة، وقد لا تصدق وكلك محق.
لكن لتهدأ وحالك تلك، إذ هذه حقيقة حياتية، يومية وقدرية، حيث ردة الفعل اللسانية المتممة لسمع هذه الجملة معلومة، رغم أن كيفها في الذاكرة الوطنية مجهول دراسة وتطبيقا
وكأن ساحة دارسي هذا العلم أو المشتغلين في المجال- من بني الضاد- لا تصلح سوى أن تكون خشبة مسرح يقدم عليها كل ما هو كوميدي، وبلا مزاحمة، في القرن الواحد والعشرين
هذا ولم تكفهم الصورة الذهنية القاتمة التي لصقت- عدلا أو ظلما، الله أعلم- بكل من نطق بالضاد في هذا الأرخبيل، على أنه رجعي، حيضي، نفاسي، زكواتي، مترب على تربة فقه المعونة وسياسة الكفالة الموثورة تلميذا عن شيخ، مريدا عن قطب، في العالم الإسلامي
هكذا التمجيد- عند هؤلاء- فأنى يرافع عن الضاديين عامة والإعلاميين هؤلاء خاصة في محاكم الدنيا الثقافية والضميرية؟
ومن المفارقات، أن عديد العناصر المستعان بهم في النهوض بكثير من قطاعات العمل الوطني الشامل، سواء في الدبلوماسية أو التعليم أو الإدارة أو الصحة وغيرها هم من هذا الصنف أتوا، ومن ذاك الكوكب؛ ثقافة الضاد قدموا
وبشيء من المثل الحي، يمكن للمتابع أن يقف- ذكرا لا حصرا- على واقع وزارة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي بما فيها بعثاتها الدبلوماسية في الخارج وقنصلياتها وممثلياتها هنا وهناك، وكذا الجامعة الوطنية الوحيدة، وشركة الصيد بفواجو، والتربية والتعليم
ومع هذه الوقفة سينحو- الصاحب المتابع- حتما منحى إستناريا، عن دور المثقف العربي ودارس الإعلام بالعربية في هذه البلاد، فلا يصاب بعد سؤاله اليوم بعي، إلاّ إذا كان منتميا لقافلة” الصدر الضيق الحرج
هذا، وآمل أن تدوم صداقتي معكم والقلم طويلا .. فالموضوع موضوع والواضع يائس وهو بجوار الرايس!